الخميس، 18 ديسمبر 2014

الهدف العلمي للاستشراق

إشراف : د. خالد القاسم

إعداد: مريم الشايع

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله الإ الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
كثير ممن كتب في الدراسات الاستشراقية يرجع أهداف الاستشراق إلى أهداف دينية نصرانية، وأهداف استعمارية أوربية، وما يتبع هذين الهدفين من أهداف اقتصادية وتجارية، ولاشك أن هذا الغالب في كثير من المستشرقين، وذلك نظراً لنشأة الاستشراق ،حيث بدأ الاستشراق بمباركة الكنيسة ورجالها، وذلك على يد ريموند لول بمعاونة ومباركة بابا روما وما تبع ذلك بصدور قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312م بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوربية لتخريج مستشرقين قادرين على محاربة الإسلام، فتم إنشاء كراس في خمس جامعات أوروبية هي: باريس، اكسفورد، بولونيا بإيطاليا، وسلمنكا بإسبانيا.[1]
ومما لا ريب فيه أن الحروب الصليبية قد تركت آثارها السيئة على نفسية الغرب، لكنها في الوقت نفسه قد فتحت أعين الغرب على الشرق وما فيه من علوم ومعارف وحضارة، ولقد واكب ذلك ما شهدته أوربا من حركة الإصلاح الديني وموقف الكنيسة من العلم والعلماء، ولقد فرضت هذه الظروف الجديدة على الكنيسة أن تعيد ترتيب أوراقها، وأن تعيد النظر في المفاهيم الدينية التي تتعامل بها مع العلماء، بحيث تعيد تأويل هذه المفاهيم بما لا تتعارض مع العلم، وترتب على هذه النزعة الإصلاحية أن أحس الغرب بحاجته إلى التعرف على المزيد من علوم الشرق وثقافته، ومن هذه المواقف وغيرها كانت الدوافع والأهداف وراء حركة الاستشراق.[2]
وما كان لأوروبا أن تنهض نهضتها دون أن تأخذ بأسباب ذلك وهو دراسة منجزات الحضارة الإسلامية في جميع المجالات العلمية .فقد رأى زعماء أوروبا أنه إذا كانت أوروبا تريد النهوض الحضاري والعلمي فعليها بالتوجه إلى بواطن العلم تدرس لغاته وآدابه وحضارته .وبـالرجوع إلى قوائم الكتب التي ترجمت إلى اللغات الأوروبية لعرفنا حقيقة أهمية هذا الهـدف من أهداف الاستشراق فالغربيين لم يتركوا مجالاً كتب فيه العلماء المسلمون حتى درسـوا هذه الكتابات وترجموا عنها، وأخذوا منها..[3]
وهذا التقرير الذي بين أيدينا  يبين حقيقة الهدف العلمي للاستشراق، وأنه أحد الدوافع التي دفعت بعض المستشرقين إلى دراسة علوم الشرق، كما ضمنته الآثار التي تربت عليه، وأهم المستشرقين الذين أنصفوا الاسلام وأهله، وما واجهوا من عقبات حيال ذلك.



أولاً: حقيقة الهدف العلمي للاستشراق:
يسعى بعض المستشرقين إلى دراسة علوم المشرق الاسلامي لأهداف علميَّة خالصة لا يقصد منها إلاَّ البحث والتمحيص، ودراسة التراث العربي والإسلامي دراسة تجلو لهم بعض الحقائق الخافية عنهم، وهذا الصنف قليل عدده جداً.. وهذه الفئة أسلم الفئات في أهدافها، وأقلّها خطراً؛ إذ سرعان ما يرجعون إلى الحق حين يَتَبَيَّنُ لهم، ومنهم من يعيش بقلبه وفكره في جَوِّ البيئة التي يدرسها، فيأتي بنتائج تنطبق مع الحق والصدق والواقع.[4]
وهؤلاء المستشرقون درسوا علوم الشرق والتعرف على حضارته طلبا بالمعرفة، وهذا عدد قليل إذا قيس بأعداد المستشرقين الآخرين، وهذا النوع من المستشرقين يتميز بالروح العلمية النزيهة، والدقة في الأحكام العلمية والإنصاف فيها، ولا نعدم أن نجد بينهما من شهد للحضارة العربية بدورها الرائد في الحضارة الأوربية المعاصرة، وخاصة في العلوم الرياضية والتجريبية، وكثير منهم كتب مؤلفاته وبحوثه حول شخصيات إسلامية كانت رائدة في مجالات العلم المتعددة، ونجد بين هؤلاء من وصل به بحثه النزيه وروحه العلمية إلى اكتشاف الحقيقة فآمن به وأعلنها، وقد يصل به الأمر في نهاية المطاف إلى أن يعلن إسلامه، ويعلم المتخصصون في هذا اللون من الدراسات أن هناك عدد غير قليل من المستشرقين يتمتعون بهذه الروح العلمية النزيهة، وقد تحولوا بعد إسلامهم إلى جنود مدافعين عن الإسلام وقضاياه، وعن العالم الإسلامي ومشكلاته، غير أن هناك أمور يشترك فيه جميع المستشرقين بما فيهم هذا النمط الأخير، فهم جميعا قد يقعون في أخطاء علمية بسبب جهلهم بأساليب اللغة العربية وطرائف التعبير فيها، ويرتبون على فههم الخاطئ نتائح وأحكاما خاطئة تبتعد بهم كثيرا عن منطق الصواب والإنصاف، وقد يكون الفارق بين هذا النمط الأخير وغيرهم هو توفر حسن النية عند النمط الأخير الذي تميز بالإنصاف والنزاهة وتوفر سوء القصد وعدم النزاهة عند غيرهم.[5]
فأصحاب الهدف العلمي منهم أقبلوا على الاستشراق بدافع من حب الإطلاع على حضارات الأمم وأديانها وثقافاتها ولغاتها، وهؤلاء كانوا أقل من غيرهم خطأً في فهم الإسلام وتراثه؛ لأنهم لم يكونوا يتعمَّدون الدَسَّ والتحريف، فجاءت أبحاثهم أقرب إلى الحق وإلى المنهج العملي السليم من أبحاث الجمهرة الغالبة إلى المُسْتَشْرِقِينَ . على أنَّ هؤلاء لا يوجدون إلاَّ حين يكون لهم من الموارد المالية الخاصة ما يمكنهم من الانصراف إلى الاستشراق بأمانة وإخلاص؛ لأنَّ أبحاثهم المُجَرَّدة عن الهوى، لا تلقى رواجاً، لا عند رجال الدين، ولا عند رجال السياسة، ولا عند عامة الباحثين، ومن ثمة فهي لا تَدُرُّ عليهم ربحاً ولا مالاً؛ ولهذا ندر وجود هذه الفئة في أوساط المُسْتَشْرِقِينَ.[6]
ومن خلال معرفتنا لهذا الدافع نستطيع معرفة الهدف الغائي المرتبط به؛ فهدف هذا الدافع: إشباع نهم علمي متجرد، وتحصيل معرفة صحيحة تتصل بأمة ذات علم، وحضارة أصيلة.[7]
ثانياً: دافع الهدف العلمي:
تمثل الدافع العلمي للإستشراق في ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: البحث العلمي في الإسلام وعلومه للاستفادة منه لنهضة الشعوب الأوروبية النصرانية، فحرص المستشرقون أن ينهلوا من علوم المشرق ويقتبسوا منها، لينهضوا مثل المسلمين، ويتفوقوا عليهم، فتعلموا اللغة العربية وعلوم الإسلام، ونقلوا ماتعلموه من معارف وعلوم إلى أهليهم مع احتفاظهم بعقائدهم، واتجاهاتهم البغيضة للإسلام والمسلمين.
الاتجاه الثاني:البحث للمعرفة المجردة عن الهوى في الإسلام والإطلاع على حضارة الإسلام وآدابه وعلومه، فهؤلاء أقل خطأ في فهم الإسلام، فجاءت أبحاثهم أسلم من أبحاث غيرهم.
الإتجاه الثالث:البحث لمعرفة الإسلام ونقله مشوهاً إلى الشعوب الأوروبية وهؤلاء هم الكثير من المستشرقين الحاقدين على الإسلام وانتصارات المسلمين.[8]
ثالثاً: آثار الهدف العلمي:
أ/ الآثاار الإيجابية:
    آثار الاستشراق لم تكن كلها سلبية فقد كان هؤلاء الأجانب أصحاب فضل في الكشف عن التراث وفي الصون والتقويم والفهرسة والتصنيف والترجمة والتأليف والتحقيق العلمي، وفي إنشاء دوائر المعارف، وفي جمع المخطوطات من كل مكان. كما أسدوا لعلم الجغرافيا عند العرب خدمات جليلة في هذا الميدان.. كما قامت حركة الاستشراق بنشر الكثير من نفائس التراث الإسلامي نشرًا علميًّا موسعًّا من اليسير الانتفاع به، وهذا فضل للاستشراق لا يمكن غض الطرف عنه مهما تكن بواعث المستشرقين في ذلك.[9]
هذه الأصوات الاستشراقية –وإن عُدت قليلة – فقد كانت علمية وموضوعية ومحايدة، وحاولت أن تقدم الحقيقة في إنصاف، كما اعترفت باليد البيضاء للإسلام على أوروبا وذكرت فضل علماء المسلمين في الطب والفلك والرياضيات والفلسفة، وفي حفظ تراث أرسطو وترجمته وشرحه ونقده، ولاحظت أثر شعراء الأندلس العرب في شعر التوربادور في إسبانيا، وأثر العناصر الإسلامية في الكوميديا الإلهية لدانتي.[10]
من أهم المؤلفات التي أفادوا بها المسلمين:
- تاريخ الأدب العربي: كارل بروكلمان ت1956م.
- دائرة المعارف الإسلامية: ظهرت الطبعة الأولى بالإنجليزية والفرنسية والألمانية وقد صدرت في الفترة 1913-1938م. غير أن الطبعة الجديدة قد ظهرت بالإنجليزية والفرنسية فقط من عام 1945م وحتى عام 1977م.
- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث الشريف والذي يشمل الكتب الستة المشهورة بالإضافة إلى مسند الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل وقد وضع في سبعة مجلدات نشرت ابتداءً من عام 1936م.
لقد بلغ ما ألفوه عن الشرق في قرن ونصف قرن (منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين) ستين ألف كتاب.[11]
-كذلك من الكتب: مفتاح كنوز السنة لفنسنك،وقد قام بنشره بالعربيةمحمد فؤاد عبد الباقي..
كما كانت لهم جهود في كشف المخطوطات وحفظها، وفهرستها،والعناية بها، ويوجد في مكتبات أوروبا عشرات الآلاف من المخطوطات الاسلامية.وفي مكتبة باريس الوطنية وحدها سبعة آلاف مخطوطة عربية بينها نفائس علمية وأدبية وتاريخية ونوادر قلما توجد في غيرها.[12]
ب/ الآثار السلبية:
و مع إخلاص هؤلاء في البحث والدراسة؛ فإنهم لا يسلمون من الأخطاء في البحث والاستنتاجات البعيدة عن الحق، إمّا لجهلهم بأساليب اللغة العربية، وإمَّا لجهلهم بالأجواء الإسلامية التاريخية على حقيقتها، فَيُحِبُّون أنْ يتصوَّرُوها كما يتصوَّرُون مجتمعاتهم، ناسين الفروق الطبيعية والنفسية والزمنية التي تفرِّق بين الأجواء التاريخية التي يدرسونها، وبين الأجواء الحاضرة التي يعيشونها.[13] كما أن هناك أمور يشترك فيها جميع المستشرقين بما فيهم هذا النمط الأخير، فهم جميعا قد يقعون في أخطاء علمية بسبب جهلهم بأساليب اللغة العربية وطرائف التعبير فيها، ويرتبون على فههم الخاطئ نتائح وأحكاما خاطئة تبتعد بهم كثيرا عن منطق الصواب والإنصاف، وقد يكون الفارق بين هذا النمط الأخير وغيرهم هو توفر حسن النية عند النمط الأخير الذي تميز بالإنصاف والنزاهة وتوفر سوء القصد وعدم النزاهة عند غيرهم -كما أسلفنا-.[14]
رابعاً: بعض المستشرقين المنصفين:
من المستشرقين نفر قليل أقبلوا على الدراسات الاستشراقية بدافع من حب الاطلاع على حضارات الأمم وأديانها وثقافاتها ولغاتها.وكان هؤلاء النفر من المستشرقين أقل من غيرهم خطأً في فهم الإسلام وتراثه، لأنهم لم يكونوا يتعمدون أن يدسوا أو يحرفوا.لذلك جاءت بحوث هؤلاء أقرب إلى الحق، وإلى المنهج العلمي السليم، من أبحاث الجمهرة الغالبة من المستشرقين.[15]
فمن المستشرقين المنصفين:
- هادريان ريلاند ت1718م Hardrian roland أستاذ اللغات الشرقية في جامعة أوترشت بهولندا، له كتاب الديانة المحمدية في جزأين باللغة اللاتينية 1705م، لكن الكنيسة في أوروبا وضعت كتابه في قائمة الكتب المحرم تداولها.
- يوهان ج. رايسكه 1716 - 1774م J.J.reiske وهو مستشرق ألماني جدير بالذكر، اتهم بالزندقة لموقفه الإيجابي من الإسلام ، وإليه يرجع الفضل في إيجاد مكان بارز للدراسات العربية بألمانيا.
- سلفستر دي ساسي: 1838م Silvestre de Sacy اهتم بالأدب والنحو مبتعداً عن الخوض في الدراسات الإسلامية، وإليه يرجع الفضل في جعل باريس مركزاً للدراسات العربية، وكان ممن اتصل به رفاعة الطهطاوي.
- توماس أرنولد 1864-1930م إنجليزي، له الدعوة إلى الإسلام الذي نقل إلى التركية والأردية والعربية.
- غوستاف لوبون: مستشرق وفيلسوف مادي ، لا يؤمن بالأديان مطلقاً، جاءت أبحاثه وكتبه الكثيرة متسمة بإنصاف الحضارة الإسلامية مما دفع الغربيين إلى إهماله وعدم تقديره.
- زيجريد هونكه: اتسمت كتابتها بالإنصاف وذلك بإبرازها تأثير الحضارة العربية على الغرب في مؤلفها الشهير شمس العرب تسطع على الغرب.
- أ. ج. أربري A.J. Arberry، من كتبه الإسلام اليوم صدر 1943م، وله التصوف صدر 1950م، وترجمة معاني القرآن الكريم.
- ومنهم: جاك بيرك، أنا ماري شمل، وكارلايل، ورينيه جينو، والدكتور جرينيه، وجوته الألماني.[16]
خامساً:بعض الستشرقين الذين قادهم الاستشراق للاسلام:
ومن هؤلاء من يؤدي به البحث الخالص لوجه الحق إلى اعتناق الإسلام والدفاع عنه في أوساط أقوامهم الغربيين ، ومن هؤلاء:
1-      المستشرق الفرنسي الفنان "دينيه" الذي عاش في الجزائر فأعجب بالإسلام وأعلن إسلامه، وتسمى باسم ناصر الدين دينيه" وألف مع عالم جزائري كتاباً عن سيرة الرسول، وله كتاب "أشعة خاصة بنور الإسلام" بيَّن فيه تحامل قومه على الإسلام ورسوله، وقد توفي هذا المستشرق المسلم في فرنسا، ونقل جثمانه إلى الجزائر ودفن فيها.
2-       المستشرق "عبد الكريم جرمانوس" وهو عالم مجري اعتنق الإسلام في الهند، ولد سنة (1885) وتوفي سنة (1979م) وكان يتمنى أن يعيش مائة عام، لأن اللغة العربية في رأيه تحتاج إلى مائة سنة لفهمها. كان عضواً في المجمع اللغوي في القاهرة. أحب الإسلام واللغة العربية وخدمهما. ألف أكثر من مائة وخمسين كتاباً عن الإسلام، منها:1- الله أكبر.2- الحركات الحديثة في الإسلام.3- شوامخ الأدب العربي.4- معاني القرآن.5- دراسات في التركيبات اللغوية العربية.وقد أجاد عدة لغات منها الإنكليزية والفارسية والأردية والتركية مع العربية.
3-       الطبيب الفرنسي "موريس بوكاي" صاحب كتاب "دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة" الذي أثبت فيه موافقة ما جاء في القرآن لأحدث الحقائق العلمية التي توصل إليها الناس بوسائلهم، بخلاف ما في الكتب التي يزعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى أنها مقدسة.
وغيرهم ممن عرفوا الحق واتبعوه.[17]
سادساً: أهم العقبات التي واجهت أصحاب هذا الهدف:
إن هؤلاء المستشرقين المنصفين قلما يوجدون إلا حين يكون لهم من الموارد المالية الخاصة ما يمكنهم من الانصراف إلى الدراسات الاستشراقية بأمانة وإخلاص، لأن أبحاثهم المجردة عن الهوى الجانح لا تلقى رواجاً لا عند رجال الدين، ولا عند رجال السياسة، ولا عند عامة الباحثين الغربيين. بل كثيراً ما يتعرض هؤلاء لمضايقات ومقاومات شديدة، من قبل رجال الدين ورجال السياسة في بلدانهم.
ولما كان الاستشراق النزيه الراغب بالبحث العلمي الحيادي المتجرد عن الهوى الجانح، لا يدر على مرتاديه مكاسب ومغانم، كان من الطبيعي أن يندر وجود هؤلاء المرتادين في أوساط المستشرقين.[18]
ومن هؤلاء من يعيش بقلبه وفكره في جو البيئة التي يدرسها، فيأتي بنتائج تنطبق مع الحق والصدق والواقع، ولكن هؤلاء يلقون عنتاً من سائر المستشرقين، إذ سرعان ما يتهمون بالانحراف عن المنهج العلمي، أو الانسياق وراء العاطفة، أو الرغبة في مجاملة المسلمين والتقرب إليهم، كما فعلوا مع "توماس أرنولد" حين أنصف المسلمين في كتابه العظيم "الدعوة إلى الإسلام"، فقد برهن فيه على تسامح المسلمين في جميع العصور مع مخالفيهم في الدين، على عكس مخالفيهم معهم. هذا الكتاب الذي يعتبر من أدق وأوثق المراجع في تاريخ التسامح الديني في الإسلام، يطعن فيه المستشرقون المتعصبون بأن مؤلفه كان مندفعاً بعاطفة قوية من الحب والعطف على المسلمين، مع أنه لم يذكر حادثة إلا أرجعها إلى مصدرها.[19]
وما يدل على ذلك: ماذكره د.حمدي زقزوق وألمح إليه من أنه ليس كل المستشرقين يعادون الفكرة الإسلامية كما يشاع، محيلا إلى كتاب هدريان ليلاند الذي صدر في 1705، وصادرته الكنيسة الكاثوليكية؛ لأنه كان يدعو إلى التعاطي الموضوعي للقرآن الكريم، والكف عن سب نبي الإسلام دون ذرائع علمية حقيقية، وضرورة تعلم اللغة العربية قبل التعرض للقرآن الكريم؛ مما أثار –وقتها- غضب الفاتيكان، رغم تسلل الكاتب بلغة مراوغة، وتعليله لموضوع كتابه بأنه رغبة في الوقوف على نقاط الضعف الحقيقية عن المسلمين بشكل منهجي؛ وهو ما لم ينطلِ على الكنيسة في ذلك الحين![20]


[1]   الهدف العلمي للاستشراق،أمل أحمد،صيد الفوائد،http://www.google.com.sa/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&cad=rja&uact=8&ved=0CB0QFjAA&url=http%3A%2F%2Fmuntada.islamtoday.net%2Ft102042.html&ei=AodFVPTEKYqxPK-VgIAG&usg=AFQjCNFwBPQEpqanh_OxNHtSVUhgtTO2Yw&sig2=bIAfQL6B1vXzejh4Q33MLw
[2] الاستشراق والتبشير،الجليند،ص 16
[3] الاستشراق،مازن مطبقاني،http://faculty.ksu.edu.sa/20722/DocLib/مقالات حول الاستشراق/الاستشراق -الموسوعة.doc .
[4] الاستشراق والمستشرقون،للسباعي،ص 31- 33.
[5]   الاستشراق والتبشير، الجليند، ص 25.
[6] الاستشراق والمُسْتَشْرِقُونَ ، السباعي ،ص 24، 25.
[7]   أجنحة المكر الثلاثة، الميداني،(ص 131- 134)
[8] الهدف العلمي للاستشراق،أمل أحمد،صيد الفوائد.
[9] نقد الاستشراق، ياسر منير،http://ar.islamway.net/scholar/2495/%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%B1-%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%B1
[10] نقد الاستشراق، ياسر منير،http://ar.islamway.net/scholar/2495/%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%B1-%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%B1
[11]     الموسوعة الميسرة،الجهني(2/692،693)
[12] مفتريات وأخطاء دائرة المعارف الإسلامية،د خالد القاسم،(1/39)
[13] الاستشراق للسباعي،ص 31- 33،وينظر:  أجنحة المكر الثلاثة، الميداني،(ص 131- 134).
[14] ينظر: الاستشراق والتبشير، الجليند، ص 25.
[15]  أجنحة المكر الثلاثة، الميداني،(ص 131- 134)
[16] الموسوعة الميسرة،الجهني(2/688،689)
[17]  أجنحة المكر الثلاثة، الميداني،(ص 131- 134)
[18]  أجنحة المكر الثلاثة، الميداني،ص 133
[19] ينظر: أجنحة المكر الثلاثة، الميداني،ص 134 ،و:  الاستشراق والمستشرقون،للسباعي،ص 33.
[20] نختلف مع الاستشراق لكن لا نرفضه،د.حمدي زقزوق، http://www.onislam.net/arabic/madarik/culture-ideas/122715-2010-01-18%2015-22-34.html

هناك تعليق واحد: